عرب لندن

تستعد بريطانيا والاتحاد الأوروبي لتوقيع إعلان رسمي يؤكد التزامهما المشترك بنظام "تجارة حرة ومنفتحة"، في خطوة تُعد تحديًا مباشرًا للسياسات التجارية الحمائية التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة في ما يتعلق بالرسوم الجمركية.

وذكرت مجلة "بوليتيكو" politico الأميركية، نقلاً عن مسودة مؤرخة بتاريخ 25 أبريل الجاري، أن هذا الإعلان يمهد لـ"شراكة استراتيجية جديدة" بين لندن وبروكسل، ترتكز على دعم الاستقرار الاقتصادي العالمي وتعزيز نظام التجارة المفتوحة. ويأتي هذا الإعلان المرتقب بالتزامن مع مفاوضات تجريها حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع إدارة ترامب، بهدف الحصول على استثناء من الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على بعض القطاعات.

ويُعتبر الإعلان واحدًا من عدة اتفاقيات يجري التحضير لها قبيل القمة البريطانية الأوروبية المقررة في 19 مايو، والتي تمثل محطة مفصلية في مسار "إعادة ضبط العلاقات" بين الجانبين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتشمل هذه التحضيرات اتفاقيات في مجالات الدفاع والأمن والطاقة وصيد الأسماك، إلى جانب تفاهمات حول ملفات ستُطرح في مفاوضات لاحقة خلال العام الجاري.

وفي السياق ذاته، من المنتظر أن يجتمع سفراء الاتحاد الأوروبي الأربعاء المقبل في بروكسل، لمراجعة التقدم في المفاوضات الجارية بين الجانبين. وتشير التسريبات إلى أن المسودة المشتركة تغطي أيضًا قضايا دولية واسعة، من بينها الحرب في أوكرانيا والوضع في غزة والهجرة غير النظامية.

ويُتوقع أن يؤكد الإعلان المرتقب "الالتزام الثابت" من الطرفين تجاه تقديم مختلف أشكال الدعم لأوكرانيا، بما يشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية والعسكرية. كما يتضمن الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن جميع المحتجزين، وزيادة وتيرة المساعدات الإنسانية.

وإلى جانب القضايا السياسية والإنسانية، تجدد الوثيقة التزام لندن وبروكسل بـ"العمل المتعدد الأطراف"، وتشير إلى دعم الطرفين لميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى جانب اتفاقيات دولية أخرى. ويأتي ذلك في ظل تصاعد الدعوات داخل بريطانيا، من أطراف سياسية كحزب "الإصلاح" بقيادة نايجل فاراج وأعضاء من حزب المحافظين، للانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما تسلط الوثيقة الضوء على التزام مشترك بالتنمية الدولية، واعتبارها ركيزة محورية في العلاقة بين الطرفين، رغم التخفيضات الكبيرة التي أجرتها لندن في ميزانية المساعدات الخارجية لصالح زيادة الإنفاق الدفاعي.

وستستضيف بريطانيا قمة 19 مايو في إطار جهود حكومة ستارمر لإصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والتي شهدت توترات خلال حكومات المحافظين السابقة. ومن المتوقع أن تُطلق القمة مفاوضات موسعة تشمل ملفات كالتخفيف من إجراءات التفتيش الحدودي على المنتجات الزراعية، واستحداث تأشيرات تنقل شبابية، وربط نظام تداول الانبعاثات الكربونية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفيما يتعلق بإمكانية إعادة بريطانيا للوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة، أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأن بروكسل رفضت مؤخرًا مقترحًا من لندن يهدف إلى الاعتراف المتبادل بمعايير المنتجات، في خطوة اعتبرتها فرنسا غير قابلة للتطبيق، وسط توافق أوروبي على التمسك بشروط الخروج.

ورغم ذلك، تواصل الحكومة البريطانية مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، حيث تسعى لندن لإبرام اتفاق دفاعي وأمني يُتيح لها الاستفادة من صندوق الدفاع الأوروبي الجديد الذي تبلغ ميزانيته 150 مليار يورو. وتشير التسريبات إلى أن بريطانيا قد توافق على تمديد حقوق الصيد الحالية لدول الاتحاد الأوروبي في مياهها الإقليمية لعدة سنوات، على أن تؤجَّل النقاشات حول هذا الملف لما بعد الانتخابات العامة المقبلة، المقررة في عام 2029.

التالي تشاؤم تاريخي: ثقة البريطانيين بالاقتصاد تهوي إلى أدنى مستوى منذ 1978