دراسة: العناكب تُهندس شباكها بناء على مستوى الضوضاء
عرب لندن
كشفت دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة "Current Biology" أن شبكات العناكب لا تقتصر وظيفتها على اصطياد الفرائس، بل تؤدي دورًا بالغ الأهمية في تصفية الاهتزازات الصاخبة المحيطة في البيئات الحضرية، مما يساعد العناكب على تمييز الإشارات الضرورية لبقائها.
وأوضح الباحثون أن الشبكات تقوم بتقليل تأثير الضوضاء المحيطة، مثل أصوات البناء أو المرور، ما يُمكّن العناكب من التقاط الاهتزازات المرتبطة بفرائسها دون أن تطغى عليها الأصوات الخلفية.
وأجرى علماء الأحياء في جامعة نبراسكا-لينكولن هذه الدراسة التي تُعد الأولى من نوعها في رصد استجابة نوع من الكائنات لضوضاء من صنع الإنسان، ودراسة كيفية تكيّفها مع هذه البيئة للاستمرار في التقاط الاهتزازات الحيوية.
وأثبتت العالِمة براندي بيسمان، والباحثة المشاركة إيلين هيبيتس، أن العناكب الناسجة للشبكات على شكل قُمع تُغيّر طريقة نقل خيوطها للاهتزازات عند تعرضها للضوضاء، مما يجعل شبكاتها تعمل كامتدادات حسية خارجية متكيّفة.
وأظهرت التجارب أن الشبكات تنقل الاهتزازات بشكل مختلف حسب ما إذا كانت العناكب التي نسجتها تنحدر من بيئة حضرية أو ريفية.
وأكدت بيسمان، الباحثة في علم الأحياء، أن العناكب الحضرية والريفية تتصرفان بشكل مختلف عند وضعها في بيئة صاخبة، مشيرة إلى أن الخبرة المتراكمة مع الضوضاء- سواء من خلال التجربة المباشرة أو عبر الأمهات - تؤثر في طريقة الاستجابة.
واستُخدم أكثر من 60 عنكبوتًا من نوع Agelenopsis pennsylvanica في التجربة، جُمعت من مدينة لينكولن في ولاية نبراسكا، نظرًا لاعتماد هذا النوع الكبير على الاهتزازات كمصدر رئيسي للمعلومات.
ووُضعت العناكب داخل مختبرات خاضعة لظروف بيئية مختلفة، أي بيئة هادئة وأخرى صاخبة، حيث نسجت شبكاتها على مدى أربع ليالٍ، ثم أُجريت اختبارات على اهتزازات تلك الشبكات لرصد كيفية انتقال الطاقة داخلها.
ولاحظ الباحثون أن العناكب الحضرية بنت شبكات تُخفّف من الاهتزازات، في محاولة لعزل الضوضاء الخارجية والتمكن من سماع اهتزازات الفريسة فقط، فيما بدت شبكات العناكب الريفية أكثر حساسية للاهتزازات، كما لو أنها "ترفع صوت التلفاز" لتتغلب على الأصوات المحيطة.
وأوضحت بيسمان أن العناكب الريفية ليست معتادة على الضوضاء الكثيفة، لذا فإنها قد تعمد إلى "رفع مستوى الاستقبال" في شبكاتها لتحسين التقاط الإشارات المهمة وسط الصخب.
ويعتزم الباحثون التعمق أكثر في فهم كيفية إجراء العناكب لهذه التعديلات، مثل تغيير شدّ الخيوط، أو تعديل مواقع التثبيت، أو تشكيل الشبكة بطريقة تُرشّح أو تُضخّم ترددات محددة.
ويخطط الفريق أيضًا لتحليل مقاطع فيديو توثق كيفية بناء الشبكات، في محاولة لاكتشاف تقنيات الإنشاء الدقيقة التي تتبعها العناكب.
بدورها، صرّحت هيبيتس، أستاذة العلوم البيولوجية، بأن الدراسة تسلط الضوء على دور "المستقبِل الحسي" في التغلب على الضوضاء البيئية، مشيرة إلى أنها تفتح آفاقًا جديدة للبحث، مثل: "هل تختار الكائنات الحية أماكن معينة تسمح بمرور الإشارات بوضوح أكبر دون تداخل الضوضاء؟"