عرب لندن
أبدى مسؤولون بريطانيون شكوكاً متزايدة حول نية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعلان اعتراف فرنسا بدولة فلسطين خلال مؤتمر الأمم المتحدة المزمع عقده في نيويورك في يونيو المقبل، وهو ما قد يؤخر أيضاً خطوة مماثلة من المملكة المتحدة.
وحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان "The Guardian" كان ماكرون قد صرح في أبريل الماضي برغبة بلاده في المضي قدماً بالاعتراف، مشدداً على ضرورة أن يتم ذلك في إطار تحرك جماعي يشمل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل، وهو ما وصفه بأنه شرط أساسي.
وأشار إلى أنه يفضل أن يتم الإعلان خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين، الذي تشارك فرنسا والسعودية في رئاسته، ويُعقد بين 2 و4 يونيو.
إلا أن مصادر بريطانية ترى أن فرنسا، التي ناقشت هذه المسألة لأكثر من عشر سنوات، قد تؤجل الإعلان مجدداً بسبب ظروف دولية غير مناسبة، خاصة بعد تحذيرات إسرائيل التي اعتبرت أن الاعتراف بفلسطين يعد مكافأة لحركة حماس. وفي هذا السياق، تحاول فرنسا تعزيز السلطة الفلسطينية كجهة شرعية قادرة على إدارة غزة، للتخفيف من حدة الانتقادات.
وأكد وزير الخارجية ديفيد لامي أنه ناقش الموضوع مع الجانب الفرنسي، لكنه أوضح أن بريطانيا لن تدعم خطوة رمزية دون تأثير عملي. في الوقت نفسه، يزداد الضغط على الحكومة البريطانية؛ بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي على المساعدات لغزة، وتذمّر نواب حزب العمال من الموقف الحكومي.
ودافع وزير شؤون الشرق الأوسط هاميش فالكَنر، في البرلمان البريطاني، عن موقف الحكومة أمام تساؤلات حول وجود إبادة جماعية في غزة، وسط اتهامات قانونية وأخلاقية موجهة ضد إسرائيل.
وفي شأن مرتبط، تسعى منظمة حقوقية فلسطينية لمراجعة قضائية تطالب الحكومة البريطانية بوقف توريد مكونات لطائرات F-35 التي قد تُستخدم في الصراع، بعد أن كشفت بيانات حكومية عن استمرار تصدير معدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 169 مليون دولار خلال ثلاثة أشهر رغم إعلان تعليق جزئي لتصدير الأسلحة في سبتمبر 2024.
وأوضحت وزارة الأعمال أن معظم هذه المكونات تُستخدم في تصنيع منتجات داخل إسرائيل لصالح دول ثالثة، من ضمنها حلفاء الناتو، وأن تقييم طلبات التصدير يتم بدقة.
ويأتي هذا الجدل في ظل استعداد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر يهدف إلى "وضع مسار نهائي وسلمي لحل القضية الفلسطينية"، استناداً إلى قرار أصدرته الجمعية العامة بعد رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية اعتبر الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني.
ويبدو أن اعتراف فرنسا بفلسطين مرتبط بانتظار اعتراف السعودية بإسرائيل، وهو أمر بعيد المنال في ظل رفض الرياض التطبيع مع إسرائيل واتهامها لها بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
حتى الآن، اعترفت دول أوروبية قليلة فقط بدولة فلسطين، بينما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد الاعتراف الكامل في الأمم المتحدة، وامتنعت بريطانيا عن التصويت، فيما دعمت فرنسا القرار.
وفي ظل هذه المعطيات، دعا سياسيون ومثقفون فرنسيون في مقال بـ"لوموند" إلى ضرورة الاعتراف بفلسطين باعتباره "واجباً أخلاقياً وضرورة سياسية واستراتيجية" للخروج من التناقض الدبلوماسي بين دعم حل الدولتين ورفض الاعتراف بإحداهما.