عرب لندن

حذّرت عالمة النفس البارزة فرانسيسكا هابي، من أن معظم البريطانيين قد باتوا يعرّفون أنفسهم كـ"متنوعين عصبيًا" (Neurodivergent)، في ظل تنامي التسامح المجتمعي وتراجع الوصمة المرتبطة بالاختلافات الإدراكية والسلوكية.

وأوضحت هابي وهي أستاذ في علم الأعصاب الإدراكي في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلوم الأعصاب في كلية كينغز لندن،  أن أعدادًا متزايدة من الأشخاص بدأوا يطلبون تشخيصًا طبيًا لاضطرابات مثل التوحد وعُسر القراءة (الديسلكسيا) واضطراب التناسق الحركي النمائي (الدايسبراكسيا)، أو يلجؤون إلى التشخيص الذاتي، نتيجة تزايد الوعي وتقبل المجتمع لهذه الحالات.

ونبّهت إلى أن بعض أنماط السلوك التي كانت تُعد سابقًا "غريبة الأطوار قليلًا" قد أصبحت اليوم تُصنّف ضمن اضطرابات طبية، ما يستوجب نقاشًا مجتمعيًا حول ما إذا كان هذا التحول مفيدًا بالفعل.

وصرّحت هابي لصحيفة "صنداي تايمز" قائلة: "نشهد تسامحًا أكبر بكثير، وهو أمر جيد، خاصة بين الجيل الجديد من المراهقين والشباب، حيث يعلن الكثيرون بكل أريحية: 'أنا مصاب بعسر القراءة' أو 'أنا أعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه'".

وأشارت إلى أن معظم الأبحاث العلمية ترى اضطرابات مثل التوحد واضطراب فرط الحركة على أنها طيف ممتد، وتحديد نقطة التحول إلى اضطراب سريري أمر يخضع لتقدير طبي.

 وأضافت: "ربما ذهبنا بعيدًا في تصنيف أنماط شخصية أو خصائص فردية باعتبارها اضطرابات طبية".

في السياق ذاته، كشف تقرير لهيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) عن ارتفاع هائل في طلبات تشخيص التوحد، إذ وصلت إلى 200 ألف حالة بحلول أغسطس 2024، بزيادة سنوية قدرها 22%، وبمعدل يفوق بـ10 أضعاف ما كان عليه عام 2019. وأوضح التقرير أن 90% من الإحالات تنتظر أكثر من 13 أسبوعًا، وهو الحد الزمني الموصى به.

وشاركت هابي في سلسلة جديدة على إذاعة "BBC Radio 4" بعنوان "منحنى التوحد"، وقالت خلالها: "أعدادًا متزايدة من الأشخاص باتوا يختارون التعريف بأنفسهم كمتنوعين عصبيًا دون طلب تشخيص رسمي. وربما نكون قد وصلنا إلى نقطة يتجاوز فيها عدد هؤلاء عدد من يُعتبرون نموذجيين عصبيًا (Neurotypical)".

وأكدت الأخيرة أن حالات التوحد واضطراب فرط الحركة وعُسر القراءة واضطرابات التنسيق الحركي وغيرها من الاختلافات الإدراكية تجعل الأشخاص "النموذجيين" أقلية، معتبرة أن هذا التحول سيغيّر المجتمع، ولكن ليس بالضرورة نحو الأسوأ.

ووصفت اضطراب طيف التوحد بأنه يتضمن صعوبات في التواصل اللغوي والاجتماعي، مثل التمسك الصارم بالروتين، والانشغال الشديد بمواضيع محددة، وصعوبة التواصل البصري أو فهم الإشارات غير اللفظية.

وختمت حديثها بتجربة مكررة في العيادات: "نرى أشخاصًا يأتون لتشخيص التوحد لأول مرة في السبعينات من العمر. غالبًا ما يكون لديهم شريك داعم أو وظيفة تناسب قدراتهم، وحين يفقدون أحد هذه الركائز ،كوفاة الشريك أو التقاعد، يشعرون بالعزلة. وأحيانًا يحدث أن يُشخّص حفيد بالتوحد، فتبدأ العائلة بالقراءة عن الحالة، ثم يقولون: 'هذا يشبه الجد أيضًا'".

التالي "Cancer 360": أداة رقمية جديدة لتسريع علاج السرطان في إنجلترا