عرب لندن
حذر رئيس المركز الوطني للأمن الإلكتروني في المملكة المتحدة من تضاعف الهجمات الإلكترونية "ذات الأهمية الوطنية" التي استهدفت البلاد خلال الأشهر الستة الماضية، في ظل تصاعد التهديدات من روسيا والصين وإيران.
وأكد ريتشارد هورن، الرئيس التنفيذي للمركز (NCSC)، خلال مشاركته في مؤتمر CyberUK في مانشستر، أن الوكالة تعاملت مع أكثر من 200 حادثة بين سبتمبر 2024 ومارس 2025، مشيرًا إلى أن عدد الهجمات المصنفة "ذات أهمية وطنية" قد تضاعف مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
وذكرت صحيفة "التلغراف" Telegraph أن الفترة الأخيرة شهدت سلسلة من الحوادث البارزة، من بينها هجوم إلكتروني استهدف متجر "هارودز"، وهجوم ببرمجيات الفدية أصاب شركة "ماركس آند سبنسر" وأدى إلى تعليق الطلبات عبر الإنترنت ووقف عمليات التوظيف، بالإضافة إلى اختراق طال مجموعة "كو-أوب"، ما دفعها إلى إغلاق أجزاء من بنيتها التحتية لتكنولوجيا المعلومات.
وقال هورن إن هذه الهجمات تُظهر الأثر الحقيقي والعميق للهجمات السيبرانية، مؤكدًا أن خلف هذه الحوادث خصوم يبحثون عن ثغرات ونقاط ضعف في البنية الرقمية البريطانية.
ولم يكشف المركز تفاصيل دقيقة عن طبيعة تلك الهجمات، إلا أن "الحوادث الكبرى" تشمل الاختراقات التي تؤثر على مؤسسات حكومية أو كبرى، أو تشكّل خطرًا على البنية التحتية الحيوية أو نسبة كبيرة من السكان والاقتصاد، بحسب الموقع الرسمي للمركز.
وحذر هورن من أن الصين لا تزال تشكّل "تهديدًا متسارعًا"، مدعومة بمنظومة رقمية متكاملة تخدم الحزب الشيوعي الحاكم، فيما تواصل روسيا تنفيذ عمليات تخريبية عبر وكلاء إجراميين، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن بريطانيا القومي.
وأضاف أن احتمالات وقف إطلاق النار في أوكرانيا قد تدفع روسيا إلى تصعيد التجسس الإلكتروني لتعزيز موقفها التفاوضي، مؤكدًا في الوقت ذاته أن جهات إيرانية تُصعّد من عمليات التجسس الإلكتروني، في حين تستهدف كوريا الشمالية شركات بريطانية بهدف تحقيق إيرادات تدعم النظام الحاكم هناك.
وفي هذا السياق، دعا هورن إلى بناء مرونة سيبرانية مجتمعية تُجنّب المؤسسات دفع الفدية للمخترقين، مؤكدًا أن استمرار هذا النموذج المالي يمنح المهاجمين حافزًا لمواصلة جرائمهم.
وأشار المركز إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي دورًا متزايدًا في الهجمات الإلكترونية مستقبلًا، حيث أظهرت أبحاث جديدة أن الأتمتة ستُستخدم لتوسيع نطاق الهجمات وتجنّب الاكتشاف. لكن هورن أكد أيضًا أن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات مهمة في تعزيز القدرات الدفاعية إذا تم استغلاله بشكل مسؤول.
وفي مداخلة خلال المؤتمر، شدد بات ماكفادن، مستشار دوقية لانكستر، على أن الهجمات الإلكترونية لم تعد مجرد تهديد نظري، بل هي وسيلة حقيقية للإضرار بالشركات وابتزازها. وقال: "ما نشهده هو النسخة الرقمية من الابتزاز... جرس إنذار بأن الأمن السيبراني ضرورة ملحّة لا ترفًا".
وتزامنًا مع تصاعد التهديدات السيبرانية، أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط للتخلّص من أنظمة تسجيل الدخول التقليدية المعقدة، عبر اعتماد "مفاتيح مرور ذكية" توفّر أمانًا أعلى وسهولة أكبر.
وهذه المفاتيح، التي بدأت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) باستخدامها، تُعد رموزًا رقمية فريدة مرتبطة بجهاز المستخدم مثل الهاتف أو الحاسوب، ما يُلغي الحاجة لحفظ كلمات مرور طويلة ويعزز الحماية ضد الاختراقات.