أطول حكم قضائي خاطئ ببريطانيا.. إلغاء إدانة رجل سُجن ظلمًا بعد 38 عامًا
عرب لندن
ألغت محكمة الاستئناف البريطانية إدانة بيتر سوليفان، البالغ من العمر 68 عامًا، والذي قضى 38 عامًا خلف القضبان بتهمة قتل ديان سيندال عام 1986، فيما اعتُبر أطول حالة إجهاض قضائي في تاريخ المملكة المتحدة.
ووفقاً إلى ما نشرته صحيفة "الإندبندنت"، أوضحت المحكمة أن تحليلات الحمض النووي الحديثة، التي أُجريت على عينات محفوظة من موقع الجريمة، لم تُظهر أي تطابق مع الملف الجيني لسوليفان، مما شكّل دليلًا حاسمًا على براءته. يُذكر أن سوليفان أُدين في عام 1987 استنادًا إلى أدلة ظرفية واعتراف تراجع عنه لاحقًا، إضافةً إلى تحليل آثار عضّ، زُعِم في حينها أنها تتطابق مع بصمة أسنانه.
وقال اللورد هولرويد، الذي ترأس جلسة الاستئناف إلى جانب القاضيين غوس وبرايان، إن المحكمة قبلت الدليل الجديد دون تردد، مؤكدًا أن الإدانة "لا يمكن اعتبارها سليمة في ضوء هذه الأدلة". وظهر التأثر على سوليفان، الذي تابع الجلسة عبر رابط فيديو من سجن ويكفيلد شديد الحراسة، حيث وضع يده على فمه وبكى، بينما احتضن أفراد عائلته بعضهم خارج المحكمة.
ووصفت محاميته، سارة ميات، القرار بأنه "لحظة تاريخية"، مؤكدة أن موكلها هو "أطول ضحية خدمةً لخطأ قضائي في المملكة المتحدة"، بعدما قضى ما يقارب أربعة عقود في أحد أكثر سجون البلاد تشددًا، لارتكابه جريمة لم يقترفها.
وصرّح سوليفان في بيان عبر محاميه أنه لا يشعر بالغضب أو المرارة، رغم ما وصفه بـ"الخطأ الفادح والخسارة الفظيعة في الأرواح"، في إشارة إلى مقتل سيندال.
وقالت شقيقته كيم سميث: "لقد خسرنا بيتر لمدة 39 عامًا، وفي النهاية، لم ينتصر أحد. لقد فقدت عائلة سيندال ابنتهم، ونحن خسرنا شقيقنا".
ورغم تبرئته، يتوجب على سوليفان إثبات براءته "بما لا يدع مجالًا للشك" أمام وزيرة العدل شبانة محمود إذا ما أراد الحصول على تعويض حكومي. ويبلغ الحد الأقصى للتعويض مليون جنيه إسترليني، ما يوازي نحو 26,315 جنيهًا عن كل عام قضاها في السجن ظلمًا.
وكانت عينة السائل المنوي التي عُثر عليها على جسد الضحية قد تضررت بسبب الأمطار، مما حال دون تحليلها سابقًا، إلى أن أعيد فحصها مؤخرًا باستخدام تقنيات متقدمة. وكشفت الفحوصات أن ملف الحمض النووي الموجود لا يخص سوليفان.
وأشار محامي الدفاع، جيسون بيتر كيه سي، إلى أن موكله يعاني من إعاقة ذهنية جعلته عرضة للاستغلال خلال استجوابه من قبل الشرطة، حيث لم يُوفَّر له دعم قانوني كافٍ أو إشراف من شخص بالغ.
وأفادت شرطة ميرسيسايد بأنها استبعدت 260 مشتبهاً به منذ إعادة فتح التحقيق عام 2023، ولا يوجد ما يشير إلى تورط أحد من دائرة معارف الضحية.
وخلال جلسة الاستماع، أكد ممثل الادعاء الملكي، دنكان أتكينسون، أن أدلة الحمض النووي الجديدة "توفر أساسًا واضحًا لا جدال فيه للإشارة إلى أن شخصًا آخر مسؤول عن الجريمة"، مضيفًا أنه لو كانت هذه الأدلة متاحة في 1987، لما وُجد أساس قانوني لمقاضاة سوليفان أصلًا.
وكانت ديان سيندال، بائعة زهور ونادلة في الحادية والعشرين من عمرها، قد تعرضت لاعتداء وحشي واغتصاب بعد أن تعطلت شاحنتها وهي في طريقها إلى محطة وقود. وعُثر على جثتها مشوهة وشبه عارية، بينما وُجدت بعض متعلقاتها محترقة في غابة مجاورة.
وقالت لجنة مراجعة القضايا الجنائية (CCRC) إنها أحالت قضية سوليفان إلى محكمة الاستئناف أواخر 2023 بعد تلقي طلب لإعادة النظر في قضيته عام 2021، استنادًا إلى شكوك حول استجوابات الشرطة وأدلة العض وسلاح الجريمة.
وأكد محاموه أن القضية تمثل درسًا قاسيًا في فشل النظام القضائي، مطالبين بإصلاحات لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء الفادحة في المستقبل.