عرب لندن
يعيش آلاف السوريين في المملكة المتحدة حالة من الترقب والقلق بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على قرار الحكومة البريطانية تجميد البتّ في طلبات اللجوء والإقامة الدائمة المقدمة من السوريين، في ظل استمرار الغموض بشأن مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وبحسب بيانات رسمية نُشرت الخميس الماضي، ينتظر 7,386 سورياً صدور قرار بشأن طلبات لجوئهم حتى نهاية مارس الماضي. ويقيم أكثر من 5,500 منهم في مساكن مدعومة من الدولة، بينهم 2,130 يعيشون في فنادق، رغم تعهّد الحكومة بوقف استخدامها كملاجئ لطالبي اللجوء.
وحسب ما ذكرته شبكة بي بي سي "BBC" كانت وزارة الداخلية قد علّقت دراسة طلبات السوريين في ديسمبر 2024، مبررة القرار بضرورة "تقييم الوضع الراهن" بعد سيطرة جماعة "هيئة تحرير الشام" (HTS) على الحكم. ورغم تعيين زعيمها، أحمد الشرع، رئيسًا مؤقتًا، لا تزال الجماعة مصنفة إرهابية في بريطانيا، وتُعتبر الأوضاع في سوريا غير مستقرة.
وحذّرت منظمات إنسانية، أبرزها مجلس اللاجئين البريطاني، من أن تعليق البت في هذه الطلبات يترك السوريين في "حالة لجوء مؤقتة بلا أفق"، ويُكبد الدولة أعباءً مالية متزايدة بسبب توفير الإيواء والمساعدات لهم، في وقت يُمنع فيه معظمهم من العمل.
وقال جون فيتونبي، كبير محللي السياسات في المجلس، إن التجميد لا يعيق فقط السوريين عن بناء حياة مستقرة، بل يعمّق أزمة النظام اللجوئي بأكمله، مشيرًا إلى أن هذا الوضع "يخلق انسدادًا في منظومة الهجرة ويُكلّف دافعي الضرائب ملايين الجنيهات".
وعقب القرار، تراجع عدد الطلبات الجديدة من السوريين بنسبة 81%، ورغم ذلك وصل 299 سوريًا عبر القوارب الصغيرة في الربع الأول من عام 2025، وهو ما يمثل 5% من إجمالي الواصلين.
ووصل آزادي، شاب كردي يبلغ من العمر 25 عامًا، إلى بريطانيا في يونيو 2023. يعيش اليوم في سكن مؤقت ويقول إنه يشعر بالجمود: "أشعر أنني لا أحرز أي تقدم. أود أن أعمل وأعتمد على نفسي، لكنني عالق في المجهول".
ورغم توقيع اتفاق بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (SDF) يعترف بالأقلية الكردية، إلا أن آزادي لا يشعر بالأمان ويؤكد أن منطقته دُمّرت بالكامل خلال الحرب.
لين البرماوي، شابة سورية أخرى تعيش في سالفورد، كانت قد وصلت عام 2019، وتقدّمت بطلب للإقامة الدائمة العام الماضي. لكنها فوجئت برفض طلبها للحصول على قرض طلابي بعد قبولها في إحدى الجامعات لدراسة إدارة الأعمال، بسبب غياب وضع الإقامة الدائمة.
تقول لين، البالغة من العمر 28 عامًا: "قضيت خمس سنوات أدرس لأصل إلى هذه اللحظة، ثم انهار كل شيء فجأة". رغم أن لديها الحق في العمل، إلا أن وضعها المؤقت يهدد مستقبلها المهني. تضيف: "لا أملك أحدًا في سوريا، وبلدتي دُمرت بالكامل. حياتي الآن هنا".
يرى هيثم الحموي، رئيس "الكونسورتيوم السوري البريطاني"، أن الكثير من السوريين فرّوا ليس فقط من نظام الأسد، بل أيضًا من الجماعات المسلحة الأخرى، وما زالوا يطالبون بالديمقراطية. وأكد أن العودة إلى سوريا ليست آمنة في الوقت الحالي.
من جانبه، دعا مجلس اللاجئين إلى معالجة الطلبات بشكل فردي، خصوصًا تلك التي لا تتعلق مباشرة بخطر من النظام السابق. وقال فيتونبي إن الواقع في سوريا لا يزال غامضًا، ولا توجد ضمانات بشأن تحسن الأوضاع في المستقبل القريب، ما يجعل استمرار التجميد غير مبرر.