عرب لندن

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول مصداقية واستقلالية الإعلام البريطاني، أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إنهاء تعاونها مع الصحافي الفلسطيني أحمد الأغا، الذي كان من أبرز المراسلين المستقلين الذين نقلوا للعالم صورًا حية ومعاناة حقيقية للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة تحت وطأة العدوان الإسرائيلي الوحشي.

وصدر هذا القرار وسط حملة شرسة قادتها وسائل إعلام بريطانية مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها صحيفة "التلغراف"، التي شنّت هجومًا حادًا على أحمد الآغا، متهمة إياه باستخدام عبارات وصفتها بـ"معادية للسامية" في منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي و خلال تغطيته لجرائم الحرب التي ارتُكبت بحق المدنيين الفلسطينيين الأبرياء.

ويُعرف أحمد الأغا بتقاريره الميدانية التي نقلت حجم الكارثة الإنسانية المروعة التي تعصف بغزة، خصوصًا في ظل الحصار الخانق والقيود الصارمة التي تمنع دخول الإعلاميين الدوليين. وثّق الآغا استهداف المستشفيات والمدارس والأطفال والعائلات، لتصبح تقاريره نافذة نادرة يطل منها العالم على مأساة الشعب الفلسطيني.

وفي أكتوبر 2023، دفع الآغا ثمناً باهظًا لتصوير الحقيقة، عندما أصيب بقصف إسرائيلي استهدف خيمة للصحافيين في خان يونس، ما يعكس المخاطر الجسيمة التي يتحملها الصحفيون الميدانيون في نقل الحقيقة.

وردت "بي بي سي" على الحملة بتأكيد أن الأغا ليس عضوًا في فريقها التحريري، وأن منشوراته لا تعكس موقف الهيئة، وأعلنت منع أي تعاون مستقبلي معه، مبررة ذلك بسياسة عدم التسامح مع "معاداة السامية"، وهو ما اعتبره كثيرون ذريعة لسحب صوت فلسطيني صادق وموثوق.

وداخل أروقة "بي بي سي" نفسها، عبّر أكثر من 230 صحفيًا وموظفًا عن استيائهم من الانحياز الواضح في التغطية الإعلامية وقلة الاهتمام بمعاناة الفلسطينيين، معتبرين أن الهيئة تسهم في طمس الجانب الإنساني لقضيتهم. وهو ما ظهر جليًا أيضًا في قرار سابق بمنع نشر نداءات إنسانية لجمع التبرعات لصالح غزة، خطوة أثارت انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ومراقبين رأوا فيها خضوعًا لضغوط سياسية تقوض مبادئ الإعلام المستقل والإنساني.

ولم يتوقف الأمر عند الأغا، إذ شهدت الهيئة إيقاف عدد من الصحفيين الذين أبدوا تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مما يعكس مدى الضغوط والقيود المفروضة على التغطية الموضوعية لقضايا حساسة ترتبط بالاحتلال الإسرائيلي.

وجرى في وقت سابق اجتماعات عقدها الجنرال أفيف كوخافي، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع كبار مديري وسائل الإعلام البريطانية الكبرى، من بينها "بي بي سي" و"ذا غارديان" و"فاينانشال تايمز" و"سكاي نيوز"، في محاولة محكمة للسيطرة على سردية الإعلام حول العدوان الإسرائيلي.

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، تبرز الحاجة الماسة لدعم الصحافة الحرة والصحفيين الميدانيين الذين ينقلون الحقيقة الإنسانية دون تزييف أو تجميل، ليبقى صوت الفلسطينيين حاضراً رغم محاولات الطمس والرقابة.

السابق الحكومة البريطانية تعلن عن خطة كبرى لإعادة تصميم مسارات الطيران
التالي نائبة فرنسية تحمل بريكست مسؤولية تفاقم أزمة الهجرة نحو بريطانيا