عرب لندن
كشف تحقيق صحافي لموقع “ميدل ايست آي” Middle East Eye، أن وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون وجّه تهديدات مباشرة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في محاولة لثنيه عن استصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة.
وبحسب التقرير الذي أعده الصحفي عمران ملا بالتعاون مع المحرر ديفيد هيرست، فقد وصف كاميرون في مكالمة هاتفية حادة جرت في أبريل 2024، إصدار المذكرات بأنه بمثابة "تفجير قنبلة هيدروجينية" على الساحة السياسية والدبلوماسية. وأضاف أن بريطانيا قد تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية وتقطع تمويلها، في حال تم المضي في هذه الخطوة.
وأكدت مصادر مطلعة، من بينها موظفون سابقون في مكتب خان، أن المكالمة شهدت تصعيدًا غير مسبوق من جانب كاميرون، حيث اتهم خان بالتحيّز ضد إسرائيل، متسائلًا عن سبب عدم ملاحقة إيران، رغم ما اعتبره "اعتداءاتها" على إسرائيل. كما أشار إلى أن لندن ستكون ملزمة قانونيًا باعتقال نتنياهو إذا زار البلاد، وهو ما وصفه بأنه "سيناريو كارثي" سياسيًا.
وفي المقابل، شدد كريم خان خلال المكالمة على أن التحقيق يشمل أيضًا قيادات من حركة حماس، وأنه لا يجوز تسييس العدالة أو التأثير على قرارات المحكمة، مؤكدًا أن "التدخل في عمل القضاء الدولي يهدد النظام العالمي القائم على سيادة القانون".
وأفاد التقرير أن فريق خان كان قد أنهى بحلول مارس 2024 تقييمًا قانونيًا أجاز التوجه نحو إصدار المذكرات، وتم إبلاغ الولايات المتحدة ووزير العدل البريطاني أليكس تشولك. إلا أن محاولات خان للقاء كاميرون قوبلت بالتجاهل، إلى أن جرت المكالمة الساخنة أثناء وجوده في زيارة لفنزويلا.
وفي مايو من العام ذاته، أعلن خان رسميًا أنه تقدم بطلبات لإصدار مذكرات توقيف بحق كل من نتنياهو وغالانت، إضافة إلى قياديين من حماس، بينهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف، مؤكدًا ضرورة حماية استقلال المحكمة.
لاحقًا، وفي يونيو 2024، اعترضت حكومة حزب المحافظين على خطوة خان، متذرعة بأن المحكمة لا تملك ولاية قضائية على الإسرائيليين. إلا أن الموقف تغير جذريًا بعد وصول حكومة حزب العمال بقيادة كير ستارمر إلى السلطة، حيث أعلنت سحب الاعتراض احترامًا لسيادة القانون الدولي.
وفي تصريحات مسرّبة، أعرب خان عن صدمته من طريقة تعامل كاميرون، واعتبر أن “الضغط العلني والمباشر على القضاء الدولي لا يليق بدولة مثل بريطانيا”، مضيفًا أن مثل هذا السلوك يُضعف ثقة العالم في العدالة الدولية.
في الأشهر التالية، واصل خان عمله رغم الضغوط، لكنّه واجه كذلك حملة تشويه قادتها دول معارضة لمذكرات التوقيف. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قضاة في المحكمة، متهمة إياهم بـ"استهداف غير شرعي لحلفاء واشنطن".
يذكر أن المحكمة كانت قد أكدت في 2021 أن لها اختصاصًا قضائيًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بناء على انضمام فلسطين إلى نظام روما المؤسس للمحكمة.